هل يصوم من رأى الهلال وحده؟ من رأى الهلال وحده، ولم يره أحد غيره، فهل يلزمه الصيام بناء على رؤيته هو؟
يجيب فضيلة الشيخ مصطفى أحمد الزرقا -كلية الشريعة- الجامعة الأردنية- رحمه اللهيجيب الدكتور عبد الكريم زيدان - أستاذ الشريعة الإسلامية ورئيس قسمها في كلية الحقوق بجامعة بغداد سابقًا.
قال ابن رشد - رحمه الله - إن صيامه واجب عليه سواء صام الناس أو لم يصوموا، وحكمه الإجماع على ما قاله إلا عند عطاء فإنه قال: لا يصوم إلا برؤية غيره [بداية المجتهد، ج1، ص197، المحلي -لاين حزم، ج6، ص235، العدة شرح العمدة، ص148، الفتاوى الهندية في فقه الحنفية، ج1، ص197 -198].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى: "من رأى الهلال وحده هلال الصوم (رمضان)، أو خلال الفطر (شوال) فللعلماء فيه ثلاثة أقوال هي ثلاثة روايات عن أحمد:
(الأول): أن عليه أن يصوم وأن يفطر سرًا وهو مذهب الشافعي.
(الثاني): يصوم ولا يفطر إلا مع الناس وهو المشهور من مذهب أحمد، ومالك، وأبي حنيفة.
(الثالث): يصوم مع الناس ويفطر مع الناس، وهذا أظهر الأقوال كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية محتجًا بقوله النبي صلى الله عليه وسلم: "صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون، وإضحاكم يوم تُضحون". وقد فسر بعض أهل العلم هذا الحديث بأن الصوم والفطر يكونان مع الجماعة. وكما لا يعرف وحده - أي لا يقف على عرفات وحده بل مع جميع الحجاج المسلمين- فلا يضحي وحده. [مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية"، ج25، ص114 وما بعدها، "الاختيارات الفقهية من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية"، ص106].
وفي "المغنى" لابن قدامة الحنبلي [المغني ، ج3، ص156] :المشهور من المذهب أنه من رأي الهلال وحده لزمه الصيام عدلاً كان أو غير عدل. شهد عند الحاكم أو لم يشهد، قبلت شهادته أو لم تقبل. وهذا قول مالك، والليث، والشافعي، وأصحاب الرأي… الخ.
ثبوت هلال رمضان بالخبر عن رؤيته:
وإذا أخبر شخص الناس عن رؤيته هلال رمضان، فهل يثبت رمضان بخبره وحده، وهل يشترط فيه شروط معينة؟ أم لا بد من تعدد المخبرين برية هلال رمضان فلا تكفي رؤية الواحد والإخبار عنها ولو كان عدلاً؟.
أقوال للفقهاء في هذه المسالة نوجزها بالآتي:-
أولاً: مذهب الحنفية:-
قالوا: إن كانت السماء مصحية لا غيم فيها لم تقبل إلا شهادة جمع كثير يقع العلم بخبرهم، وتقدير عددهم مفوض إلى رأي الأمام أو نائبة. ووجه هذا القول أن انفراد شخص برؤية والسماء صحو من دون الآخرين يلقي شكًا في صحة خبره، وهذا في ظاهر الرواية عند الحنفية. وروي عن أبي حنيفة قبول شهادة الواحد العدل كما لو كانت السماء صحوًا.
وإذا كانت السماء متغيمة، تقبل شهادة الواحد بلا خلاف ند الحنفية سواء كان حرًا أو عبدأ، رجلاً كان أو امرأة، بشرط أن يكون مسلمًا بالغاً عاقلاً عدلاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قبل شهادة رجل واحد على رؤية هلال رمضان، ولأن هذا في الحقيقة ليس بشهادة بل هو إخبار بدليل أن حكمه يلزم الشاهد وهو الصوم، وحكم الشهادة لا يلزم الشاهد، ثم إن الإنسان لا يتهم في إيجاب شيء على نفسه، فدل بذلك كله على انه ليس بشهادة بل هو إخبار.
والعدل ليس بشرط في الإخبار إلا أنه إخبار في أمور الدين، فيشترط فيه الإسلام، والبلوغ، والعقل، والعدالة، كما في رواية الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم وإذا رأى الهلال شخص واحد ورد القاضي شهادته لزمه الصوم، لأن عنده أن ذلك اليوم هو من رمضان فيؤاخذ بما عنده أي بما يعتقده