رمضان في الجديدة بين الأمس واليوم

بسم الله الرحمن الرحيم

لنبدأ أولا برمضان فى القرية قديما فى فترة الخمسينات والستينات

من خلال عدة روايات لبعض أهالى القرية الذين عاصروا تلك الفترة تعالوا نرى كيف كان يوم القرية فى رمضان

ليلة الرؤية

من المعروف ان فى تلك الفترة لم توجد التلفزيونات والفضائيات لذلك لم يكن من السهل معرفة رؤية هلال رمضان او مواعيد الصلاة والافطار والسحور وكانت وسيلة الإعلام الوحيدة هى الراديو وكان عدد الراديوهات فى البلد قليل لا يتجاوز خمسة او ستة وكان اشهر من امتلك جهاز الراديو فى ذلك الوقت ( الحاج عبده اسماعيل - الحاج ابراهيم جمعة - الحاج الباز غزال -الحاج محمود ابو هاشم - قهوة العزايلة ) وكانت الناس فى ليلة روؤية هلال رمضان تجتمع كل مجموعة عند شخص من الذين يملكون جهاز الراديو وينتظرون المفتى وهو يعلن ثبوت رؤية الهلال وعندما يعلنها يعم الفرح فى كل انحاء القرية .

وبعد اعلان الرؤية مباشرة يقوم الحاج / محمود عريف بالوقوف عند المسجد الكبير وينادى على اهالى البلد بان غدا هو اول ايام رمضان ثم يقوم بالتجول فى القرية سيرا على الاقدام ينادى بثبوت رؤية الهلال ليعلم من لم يستطع سماع الردايو

وفى صباح رمضان تخرج الاهالى لشراء افطار رمضان ومن العادات فى القرية ان اول ايام رمضان يكون الافطار هو البط ويكون البط هو افطار الناس فى العديد من ايام رمضان ولم تكن اللحوم الحمراء متوافرة فى ذلك الوقت ومن الاطعمة التى سادت ايضا فى تلك الفترة هى شوربة العدس .

وبمجرد انتهاء فترة الصباح يؤذن لصلاة الظهر فتقوم الناس بصلاة الظهر والنوم فى المسجد لحين صلاة العصر وبعد الانتهاء من صلاة العصر تخرج الناس لتجد الباعة فى خارج المسجد واشهرهم الحاج / يوسف ضبيع الذى كان يقوم ببيع الكنافة الشعر والتى كان يأتى إليها الناس من جميع انحاء قرى المنزلة ولم يكن فى ذلك الوقت من يبيع الحلويات فى القرية وكانت الناس تقوم بعمل حلوى رمضان فى المنزل

وكان يتواجد ايضا عند المسجد الحاج / يعقوب منصور الذى يبيع طعام السحور من فول ومخلل وكسبة وكان يقوم بتصنيع الفول والمأكولات فى فترة الصباح ويقوم ببيعها من الظهر وحتى اذان المغرب

وايضا كان يوجد الحاج / محمد عبده منصور الذى كان يبيع العرقسوس وكان عرقسوس عم محمد نال شهرة واسعة فى ذلك الوقت وقد خلفه من بعده ابنه محمد ومازال يبيعه فى رمضان الى الان

فى فترة العصر وحتى اذان المغرب كانت الناس تخرج من المسجد ويتقاسمون الاماكن فكانت الرجال والشباب والشيوخ ياخذون اماكنهم ويعكفون على لعبة الطاب ( لعبة تشبه الشطرنج ) فى هذا الللعبة يتم رسم 12 مربع على الارض ويتم وضع 6 قطع خشبية فى المربعات ويقومون بتحريكها بطرقة تشبه الشطرنج ومع مرور الزمن فى اواخر الستينات اختفت تلك اللعبة واحتلت مكانها لعبة تكسير القصب فقد كان الحاج / احمد الامير يقوم يوميا بشراء مقطورة قصب وفرشها عند المسجد بعد العصر وياتى الفريقين وكل فريق يختار عود قصب ويقول احد الفريقين انى ساقوم بتكسير العود الى 18 قطعة ( مثلا ) ويقوم بتكسير العود قطعة قطعة وفى النهاية اذا توافقت عدد القطع مع الرقم 18 يعتبر فائزا والا يقوم بدفع ثمن عود القصب .

وكانت الاهالى تمارس تلك الالعاب وهى تشعر فيها بالمتعة وكان من ابرز من احترفوا لعبة الطاب عمدة القرية وشيخ الخفر وبينما الكبار مشغولون بلعبة الطاب اذا بالصغار يحتلون مكانا اخر عند المسجد حيث يقومون بفرش القش ويقومون بعمل ( لوايات ) القش ويلعبون بها حتى اذان المغرب

ويستمر اللعب سواء من الكبار او الصغار حتى قبل المغرب بثلث ساعة لحين ان ياتى مرسال من قهوة العزايلة ليعلم الناس ان قرآن المغرب قد بدأ حينها يمتنع الكبار عن اللعب بينما الصغار مازالوا فى لعبهم فى ذلك الحين يقوم الشيخ على سعدة بالصعود الى حلة المئذنة لانتظار وقت الاذان وما هى الا دقائق الا وياتى مرسال اخر من قهوة العزايلة قد سمع الاذان فى الراديو ياتى للشيخ على سعدة ليعلمه بوقت الاذان فينادى الشيخ على ( الله أكبر الله أكبر ) وحينها يعم الهرج والمرج فى المكان وتتسابق الناس الى البيوت لتناول الافطار )

ومن المشاهد الطريفة التى كان يراها الناس انه عند الاذان تتفرق الاطفال فى جميع الشوارع كل طفل حسب بيته فى حين تكون هناك اطفال اخرى معها لوايات من القش تقوم بعرقلة الاطفال الاخرى ليستمر الهرج والمرج لانتهاء المؤذن من الاذان

واشهر المؤذنين فى ذلك الوقت ( الشيخ عرفات سعدة - الشيخ على سعدة - الشيخ حفنى عجوة - الشيخ عبده رشاد ) رحمة الله عليهم جميعا

بعد الافطار

بعد الافطار تخرج الناس الى المسجد لصلاة العشاء والتراويح واشهر من تولى امامة المسجد فى ذلك الوقت ( الشيخ على البغدادى - الشيخ عبد الباسط طويلة - الشيخ جمال عبد الباسط طويلة ) رحمة الله عليهم جميعا

وبينما تنشغل الرجال بالصلاة فى المسجد فاذا بالاطفال يخرجون الى الحارات ليلعبوا العاب رمضان المفضلة مثل البالتيك والشلوط وكانت اكثر الحارات التى كانت تشهد تجمعا للاطفال بجوار منزل الحاج حسن الشبينى

وبعد خروج الرجال من صلاة التراويح كانت توجد بجوار المسجد لعبة الساقية القلابة وكان المسئول عنها الحاج / طه عريف وكان رجال البلد يقومون بركوب تلك اللعبة ليقضوا عليها سهرتهم وذلك بعد ان تعود الاطفال الى منازلها ولم تكن تلك اللعبة بفلوس ولكن كان يكفى رغيفين من الخبز او قطعة طماطم او حبتين من البصل

وفى منتصف الليل ابتداءا من الساعة 12.5 وحتى قبل الفجر بساعة واحدة يقوم المسحراتى بالتجول فى شوارع وحوارى القرية ليوقظ الناس للسحور ومن اشهر من احتل مركز المسحراتى فى القرية فى ذلك الوقت ( السيد شلبى ( سبع الدقهلية ) - احمد طلبة - محمد عبده منصور - سعد الامير )

وكانت الناس تستيقظ على صوت طبلة المسحراتى وهى عبارة عن طبلة صغيرة يضرب عليها بقطعة من الجلد

وكان المسحراتى اول ايام عيد الفطر يسير بعربة فى القرية ومعه قطعتين من الفرد ( الفرد عبارة عن وعاء قماشى يشبه الجرم ) ويقوم بجمع الحلوى والكحك والبسكويت من الناس كنوع من شكر الناس له على الخدمة التى كان يقدمها لهم فى رمضان

قبل اذان الفجر بعشرة دقائق ينادى الشيخ على سعدة فى مئذنة المسجد مناديا ( اشرب وارفع ........ اشرب وارفع ................ اشرب وارفع ) وكان هذا النداء تنبه عن قرب اذان الفجر

ومن العادات الجميلة فى رمضان فى ذلك الوقت انشاد نشيد ( ودعتنا يا شهرنا )

حيث كان يقوم كل من ( الشيخ عرفات سعدة والشيخ على سعدة والشيخ حفنى عجوة والشيخ سيد عجوة ) ابتداءا من يوم 15 رمضان وحتى اخر الشهر بالصعود الى حلة المئذنة وينشدون نشيد ودعتنا بعد الانتهاء من صلاة العشاء والراويح
وبعد ان ينتهوا من انشاد النشيد تستقبلهم الناس اسفل المسجد بصوانى الحلويات وكانت تلك العادة يوميا من يوم 15 رمضان وحتى اخر رمضان

وفى اخر جمعة من رمضان والتى كانوا يسمونها الجمعة اليتيمة كان كل رجال وشباب وشيوخ واطفال القرية يجتمعون للافطار فى مسجد العراقى وكانت وجبة الافطار موحدة وهى شوربة العدس