صح في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: ( الدعاء هو العبادة )، رواه أصحاب السنن إلا النسائي؛ والدعاء هو صلة الوصل بين العبد وربه، والرابطة التي تربط المسلم بخالقه، قال تعالى: { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم } (غافر:60)، فعلَّق الاستجابة الحاصلة من الخالق، على الدعاء الذي هو من فعل العبد .
والأصل اللغوي لـ (الدعاء) طلب الفعل، من دعا يدعو، إذا طلب من آخر فعل شيء؛ وتداعى البناء، إذا دعا بعضه بعضاً إلى السقوط .
ولفظ (الدعاء) ورد في القرآن في نحو تسعين موضعاً؛ جاء كـ (اسم) في ثمان وأربعين موضعاً، منها قوله تعالى: { إن ربي لسميع الدعاء } (إبراهيم:39)، وجاء كـ (فعل) في أربع وأربعين موضعاً، منها قوله تعالى: { والله يدعو إلى الجنة والمغفرة } (البقرة:221) .
ولفظ (الدعاء) في القرآن الكريم ورد على عدة معان، نذكر منها ما يلي:
- الدعاء بمعنى (التعبد والعبادة)، ومنه قوله تعالى: { قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا } (الأنعام:71)، أي: أنعبد من دون الله ما لا يملك لنا نفعاً ولا ضراً؛ ومنه قوله سبحانه: { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم } (غافر:60)، أي: اعبدوني وأخلصوا لي العبادة، أتقبل عبادتكم، وأغفر لكم .
وقد ورد في القرآن الكريم قوله تعالى: { قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله } (الأعراف:37)، وورد فيه أيضاً قوله سبحانه: { وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون } (الشعراء:92)، فهذه الآية الأخيرة تدل على أن (الدعاء) يأتي بمعنى (العبادة). و(الدعاء) بمعنى (العبادة) كثير في القرآن . - الدعاء بمعنى (التسمية)، ومنه قوله تعالى: { لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا } (النور:63)، أي: لا تنادوا الرسول كما ينادي بعضكم بعضاً؛ روى ابن كثير عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله: كانوا يقولون: يا محمد! يا أبا القاسم! فنهاهم الله عز وجل عن ذلك؛ إعظاماً لنبيه صلى الله عليه وسلم، قال: فقولوا: يا نبي الله! يا رسول الله! وهكذا قال مجاهد وسعيد بن جبير .