والسماء بنيناها بأيد وانا لموسعون :
لقد سبق القرآن الكريم العلم الحديث بذكره لحقيقة توسع الكون فيقول ربنا تبارك وتعالى : " وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ " الذاريات : 47
وقد تبين لعلماء الفلك أخيرا أن الكون في توسع و تمدد مستمرين .. ان توسع الكون من أعظم الظواهر الفلكية الفضائية ، التي اكتشفها العلم الحديث ، وقد قررها القرآن في عصر ( البدائية ) العلمية قبل خمسة عشر قرناً ، مما يدل على ان القرآن كلام الله .
لقد فرقت الآية بين الإخبار عن بناء السماء وتوسع الكون فعبرت عن بناء السماء ورفعها بالفعل الماضي : " بنيناها " لأن الله قد خلقها وأوجدها ، وانتهى الأمر أما توسع الكون فقد عبر عنه باسم الفاعل : " وانا لموسعون " أي ما زلنا موسعين فيه ، نوسعه ونمده ونكبره وما زلنا نضيف له الجديد من المجرات والأفلاك .
ليذوقوا العذاب :
تقول الابحاث العلمية الجديدة بأن الإحساس في الإنسان يكون أكثر في الجلد الخارجي من الإنسان، فإذا ما اخترقت الأبرة مثلاً الجزء من الجلد وصارت تدخل في اللحم - العضلات - فإن الإحساس هنالك لا يكون بقوة إحساس الشعيرات العصبية الحسية كما هي في الجلد الخارجي، ولقد سبق القرآن الكريم العلم في هذا وذلك من خلال قوله تعالى " كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا العَذَابَ ". [ النساء : 56 ] تأمل - أخي القارىء - لقوله ( لِيَذُوقُوا العَذَابَ ) فكأنه يقول بأن شدة تذوق العقاب وقساوته تكون بوجود الجلد !
وأرسلنا الرياح لواقح :
يقول الله سبحانه وتعالى في محكم آياته : " وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ " [ الحجر: 22 ]
اعتقد بعض المفسرون أن المقصود بالرياح لواقح هو دور الرياح في نقل حبوب اللقاح إلى أعضاء التأنيث في الأزهار ليتم الإخصاب وتكوين الثمار وهو دور معروف وثابت علمياً, ولكن الجملة التي تليها لا تؤيد هذا التفسير فعبارة فأنزلنا من السماء ماءً وهو المطر تدل على أن عملية إرسال الرياح لواقح لها علاقة مباشرة بنزول المطر, واستخدام حرف العطف "ف" الذي يدل على الترتيب والتعقيب , يوحي بسرعة نزول المطر بعد إرسال الرياح لواقح ولما لم تكن هناك أية علاقة بين تلقيح النباتات وحمل حبوب اللقاح ونزول المطر فلابد أن يكون للآية معنى آخر يذكر الدكتور زغلول النجار في حديثه عن الإعجاز العلمي للقرآن الكريم:
أن هناك ثلاثة أنواع من التلقيح تتم في السحب :
1. تلقيح السحب الحارة بالسحب الباردة مما يزيد عملية التكاثف وبالتالي نزول المطر2. تلقيح السحب موجبة الشحنة بالسحب سالبة الشحنة ويحدث تفريغ وشرر كهربائي فيكونالمطر مصحوبا بالبرق والرعد وهو صوت تمدد الهواء الناجم عن التفريغ.3. التلقيح الثالث وهو أهم أنواع التلقيح جميعاً هو أن الرياح تلقح السحاب بما ينزل بسببه المطر, إذ أن نويات التكاثف وهي النويات التي يتجمع عليها جزيئات بخار الماء لتكون نقطاً من الماء نامية داخل السحب, هي المكونات الأولى من المطر تحملها الرياح, إلى مناطق إثارة السحب, وقوام هذه النويات هو أملاح البحار, وما تذروه الرياح من سطح الأرض, والأكاسيد والأتربة كلها لازمة للإمطار وهذه هي فكرة المطر الصناعي, عندما تقوم بعض الطائرات برش السحب التي سبق وأن تكونت ببعض المواد تعمل كنويات تكاثف, يتكاثف عليها المطر ويهطل أي أن الرياح عامل أساسي في تكوين السحب, وتلقيحها ونزول المطر, ودائما ما يربط القرآن بين الرياح والمطر, ففي سورة الأعراف : " وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ " . المصدر: الإعجاز العلمي للقرآن الكريم , د. زغلول النجار
وجعلنا من الماء كل شىء حي :
الماء هو سر الحياة ، هذه الحقيقة العلمية المثيرة أدرك العلماء سرها حديثاً . فمعظم العمليات بل كل العمليات البيوكيميائية اللازمة للحياة والنمو تحتاج إلى الماء الذي هو العنصر الأساسي لإستمرار النشاط والحياة لجميع الكائنات من بشر وحيوان ونبات .
ان الماء هو الوسط الوحيد لكافة الأنشطة الحياتية ، فقد ثبت علمياً أن الماء هو المركب المهم جداً في تركيب الخلية الحية وأن الماء ضروري جداً لحصول التفاعلات الحيوية كلها وعمليات الأيض . والعجب العجاب أن هذه الحقيقة التي أعلنها العلماء في العصر الحديث كان قد صرح بها القرآن الكريم قبل 1500 سنة من أن الله سبحانه وتعالى جعل من الماء المادة الإساسية لكل حياة فقال الله سبحانه وتعالى : " أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ " الانبياء : 30
الظلمات الثلاث :
قال الله تعالى : " يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ " الزمر: 6
فهم المفسرين :
قال الطبري في تفسير الظلمات الثلاث : " يعني : في ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة"، وهو قول ابن عباس وعكرمة ومجاهد وقتادة والضحاك، وورد ذلك أيضاً عن الألوسي والقرطبي في تفسيريهما.
حقائق علمية :
تمر عملية تخلّق الجنين في بطن الأم عبر ظلمات ثلاث هي :
الظلمة الأولى: ظلمة جدار البطن.
الظلمة الثانية: ظلمة جدار الرحم.
الظلمة الثالثة: ظلمة المشيمة بأغشيتها.